كيف تحمي طفلك من الإعتداء الجنسي

بدأ حديثه معي بأنه سمع قصة تحرش بأحد أقربائه وخاف أن يتكرر هذا الفعل مع طفله ، فقال : كيف أحمى ولدي من ذلك ، فقلت له : قبل أن أجيبك أحب أن أحييك على شجاعتك وحرصك المبكر على حماية طفلك (فالوقاية خير من العلاج) سواء كان التحرش عمليا أو إلكترونيا وسواء كان من أفراد المجتمع أو من الأقرباء.
والصواب أن تتحدث مع طفلك من عمر خمس سنوات وتعلمه بأن الأماكن الحساسة في جسده وأماكن العورة ينبغي أن لا يشاهدها أو يلمسها أحد ثم تعلمه بعض الوسائل الذكية للدفاع عن نفسه فيما لو حاول أحد التحرش به أو الإعتداء عليه .
وأولى هذه الوسائل أن تعلمه أذكار الصباح والمساء وكيفية التحصين والمسح على الجسد عند قراءة المعوذات فإن في ذلك حماية ربانية له من العين والشر ، والثانية أن يقول لا لا لا وبكل قوة لمن يطلب منه الاقتراب من جسده ، والثالثة أن يحاول الهرب والجري بسرعة لأقرب مكان فيه ناس ليخبرهم ، والرابع أن يصرخ وبصوت عال في وجه من يقترب من جسده حتى يخيفه ، فهذه أربعة وسائل يحتاجها لحظة التحرش .
أما برنامج التوعية للطفل فيحتاج أن يتعلم ست قواعد ، الأولى أن يصارح الطفل والديه عندما يبوح له شخص بأسرار سيئة ، والثانية أن يتعلم الفرق بين اللمس السيئ كاللمس في الأماكن الحساسة من جسده واللمس الصحيح مثل المصافحه والسلام ، والثالثة توجيهه بأن لا يصادق من هو أكبر منه ، والرابعة أن يكون قويا بتعليمه الكراتيه أو بعض الرياضات للدفاع عن نفسه ، والخامسة تنبيهه بأن لا يستجيب عندما يطلب منه شخص أكبر منه أمرا سيئا أو مجهولا ، والسادسة أن لا يعطي فرصة للغريب بالتدخل في حياته أو بعمل حوار خاص معه .
وأهم من ذلك كله أن تبقى علاقة الوالدين بالطفل قوية والحوار بينهم مستمرا يوميا حتى يكون الباب مفتوحا دائما لسماع الأخبار في علاقة الطفل مع أصدقائه وزملائه بل وحتى مراقبة علاقته بإخوانه وأخواته فكم من حادثة عرضت علي في التحرش بين الإخوان والأخوات!
وأذكر قصة طفل دخل مكتب والده وكان الكمبيوتر مفتوحا فشاهد لقطة مخلة بالأدب فذهب ومارس مثل ما شاهد مع أخته الصغيرة ، وطفل آخر بالمدرسة يمشي ويقبل الأطفال ويضع أصبعه في دبرهم وغيرها من القصص التي نعيشها كل يوم وقد تكون بسبب مشاهدات الكارتون أو الرفقة السيئة ، ولهذا فإننا نقول إن التثقيف الجنسي للأطفال مهم ومفيد فيقدم الوالدان لهم المعلومة الصحيحة حسب أعمارهم فيكونون مرجعا لهم بدلا من أن يجمعوا المعلومات من الأقرباء والأصدقاء أو الهواتف النقالة.
ويبدأ الطفل من عمر 3 سنوات يسأل لماذا أمي ترضع أخي ولا يرضعه أبي ؟ ولماذا أختي الصغيرة ليس لديها جهازا للبول مثلي ؟ وكيف جئنا نحن للدنيا ؟ وأسئلة كثيرة يطرحونها وهذا من حقهم ولكن علينا أن نهيئ أنفسنا لها ونحسن التعامل معها.
والقرآن الكريم علمنا كيف نربي أبناءنا لحماية أبصارهم من اللقطات العاطفية الخاصة بين الزوجين في آية الاستئذان فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم -يعني الأطفال الصغار- ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض)
وفقهنا الإسلامي فيه ثروة عظيمة في المسائل الجنسية وقد تم إحصائها فبلغت أكثر من 2173 مسألة ، وهذا يدل علي أهمية الموضوع حتى أفرد له فقهاؤنا أبوابا خاصة في المعاشرة الزوجية والبلوغ والحيض وأحكام المعاشرة أثناء الصيام والحج وغيرها ، وقد عرض القرآن القضية الجنسية في أكثر من مشهد منها امرأة العزيز عندما طلبت يوسف عليه السلام بالحرام ، ومشهد آخر لمريم عليها السلام عندما رزقت بطفل من غير زوج وهذه معجزة جنسية ، بل إن الله تعالى عذب قوم لوط وأهلكهم بسبب ذنب جنسي.
فلا نستطيع أن نهمل التربية الجنسية لأطفالنا أو نتجاوزها فالمسألة ليست سهلة وإنما هي مسؤولية ، ويكاد الموضوع يضيع في مجتمعنا بين حياء أهل الاختصاص وعجز المؤسسات التربوية مما يحمل الوالدين مسؤولية كبيرة في التعليم والتوجيه وحماية الأطفال بالعلم والمعرفة .

 @drjasem

د جاسم المطوع

الخبير الإجتماعي والتربوي