(9) أساليب تعلم ابنك تحمل المسؤولية

لعل البعض يستغرب عندما يعلم أن أصل المشاكل التربوية في عدم تربية الأبناء علي تحمل المسؤولية ، ولو حلل المربي أو دقق لعلم صحة ما نقوله ، فأي شكوى من شتم الأبناء أو عنفهم أو تكاسلهم عن الصلاة يرجع لسبب عدم تحملهم للمسؤولية ، فعندما يتحمل الطفل مسؤولية نفسه وإخوانه وأهله والمجتمع فإنه سيكون مبادرا ومعينا وكريما ومستقيما ، وعندما يلغي أي اعتبار للناس أو للمجتمع أو للخالق فإنه يتصرف بطريقة أنانية وسلبية لأنه لا يهمه إلا نفسه فلا يتحمل أي مسؤولية
وبالمناسبة فإن كثير من المربين يخطأ في الوقت الذي يربي فيه الطفل علي تحمل المسؤولية ، فبعضهم يبدأ من عمر سبع سنوات وبعضهم يبدأ من سن المراهقة والصواب أن يبدأ من عمر ثلاث سنوات ، فهذا هو العمر المناسب لتعلم تحمل المسؤولية لأنه سن التعويد والتدريب للطفل ، فلو علمناه حمل حذاءه ووضعه في مكان مخصص فإنه سيتحمل مسؤولية حذائه كل يوم ، ولو علمناه ترتيب غرفته فإنه سيتحمل مسؤوليتها كذلك ، وبعض الآباء يظنون أن من محبتهم لأبنائهم أنهم يتحملون كل مسؤولياتهم ولا يعلمون أنهم بهذا التصرف يفسدونهم ولا يربونهم ، فإني أعرف أما استمرت في مذاكرة ابنتها حتي المرحلة الجامعية وتسهر أحيانا لعمل واجباتها وهي نائمة ، وأعرف أبا أولاده أطول منه وما زال يحمل لهم حقيبتهم المدرسية كل صباح ، وقصص كثيرة يعبر بها الوالدين عن حبهم بطريقة خاطئة تفسد الأبناء وتميت عندهم روح تحمل المسؤولية
ولهذا فإن هناك تسعة أساليب جمعتها لو اتبعها المربي لساهم في تربية أبنائه علي تحمل المسؤولية وهي : الأولى أن يوزع مسؤوليات البيت علي أبنائه ولو كانوا صغارا فيعطي كل واحد منهم مسؤولية حسب عمره ، والثاني أن يستخدم التأديب في حالة ترك الإبن القيام بمسؤولياته مع أعطائه الثقة والدعم للإستمرار في تحمل المسؤولية ، والثالث إذا تأخر الإبن في تنفيذ المهمة الخاصة به فلا يبادر المربي بإنجازها حتي لا يتعود الإبن علي القاء مسؤولية مهامه علي والديه ، ، والرابع لو أعطاك ابنك وعدا بإنجاز عمل معين ولكنك شعرت أن العمل أكبر من طاقته وقدراته ففي هذه الحالة يمكنك التدخل لمساعدته مع استمراره في أداء المهمة ، والخامس أن تطلق عليه أوصافا من باب التشجيع فتسميه مثلا (المهندس الصغير) أو (المنجز السريع) أو (المساعد الإداري) أو إذا كان كبيرا تطلق عليه وصف ( ولي العهد في البيت) وهكذا حتى يتحمس في تحمل المسؤولية ، والسادس تدريبه علي تحمل المسؤولية الاجتماعية في المجمتع بالمشاركة بأنشطة وبرامج مع فرق شبابية في حملة لتنظيف الشواطئ أو حملة للتقليل من التدخين أو حملة لبر الوالدين أو حملة عدم الإسراف بالماء والكهرباء وهكذا ، والسابع إذا كلفت ابنك بمسؤولية تكون واثق في أن يأديها وتشجعه بالكلام بأنه قادر علي أنجاز المهمة ، والثامن متابعة الإبن بأداء الصلاة لوقتها فالتزامه بهذه المهمة يعني أنه تحمل مسؤولية أداء التكليف الرباني ، والتاسع تعليم الطفل لو رأى خطأ بالمدرسة أو في المجتمع أو في السوق أن يبادر بالنصيحة أو ابداء الملاحظة إما بتأييد السلوك لو كان حسنا أو محاولة تغييره لو كان منكرا وهو ما نسمية نحن (بالتربية الإحتسابية) يعني أن يكون آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر ،
ففوائد تحمل المسؤولية كثيرة وأساليبها متنوعة ولكن أهم ما فيها أن نجعل الطفل يعتمد علي نفسه ويتحمل مسؤولية قراراته ، فلو أخطأ يصحح خطأه ، ولو حقق إنجازا يفرح بإنجازه ، فلا يعتمد علي الآخرين في يومياته ولا يلقي باللوم علي الآخرين وهو ما نسميه بمرض (الإسقاط) فيسقط تقصيره علي الآخرين ويكونوا شماعة له ، وقد مرت علي حالات كثيرة في فشل الزواج بسبب عدم تحمل مسؤولية الزوج أو الزوجة لمهام الأسرة ، وعند البحث عن السبب أكتشف أن عدم تربيتهم علي تحمل المسؤولية من صغرهم هي السبب في فشل الزواج ، فلو عملنا بمنهج (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وبمنهج (ولا تزر وازره وزر أخري) لكانت تربيتنا ناجحة

 @drjasem

د جاسم المطوع

الخبير الإجتماعي والتربوي